الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن
.ومن باب ما يقول إذا هاجت الريح: قال الشيخ: الصيب ما سال من المطر وجرى، وأصله من صاب يصوب إذا نزل قال الله تعالى: {أو كصيبٍ من السماء} [البقرة: 19] ووزنه فيعل من الصوب. قال أبو داود: حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد بن زياد عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقلوا الخروج بعد هدأة الرَّجل». قال الشيخ: هدأة الرجل يريد به انقطاع الأرجل عن المشي في الطريق ليلًا وأصل الهدوء السكون. .ومن باب المولود: قال الشيخ: إنما سموا مغربين لانقطاعهم عن أصولهم وبعد مناسبتهم وأصل الغرب البعد، ومنه قيل عنقاء مغرب أي جائية من بعد، ومنه سمي الغريب غريبًا وذلك لبعده عن أهله وانقطاعه عن وطنه فسمي هؤلاء الذين اشترك فيهم الجن مغربين لما وجد فيهم من شبه الغرباء بمداخلة من ليس من جنسهم ولا على طباعهم وشكلهم. .ومن باب في رد الوسوسة: قال الشيخ: قوله: «ذاك صريح الإيمان» معناه أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم والتصديق به حتى يصير ذلك وسوسة لا يتمكن في قلوبكم ولا تطمئن إليه أنفسكم وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله فكيف يكون إيمانًا صريحًا، وقد روي في حديث آخر أنهم لما شكوا إليه ذلك قال الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. قال أبو داود: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن الأعمش، عَن أبي صالح، عَن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تولى قومًا بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف». قال الشيخ: قوله: «بغير إذن مواليه» ليس بشرط في جواز أن يفعل ذلك أو يستبيحه إذا أذن مواليه في ذلك، وإنما معناه أنه ليس له أن يوالي غير مواليه بحال ولا يجوز له أن يخونهم في نفسه وأن يقطع حقوقهم من ولائه مستسرًا له يقول فليستأذنهم إذا سولت له نفسه فعل هذا الصنيع فإنهم إذا علموا ذلك منعوه ولم يأذنوا له فيه فلا يمكنه حينئذ أن يوالي غيرهم وأن يحول ولاءه إلى قوم سواهم، وإنما لا يجوز ذلك لأن الولاء لحمة كلحمة النسب لا ينتقل بحال كما لا ينتقل النسب إلاّ ما جاء في أن الولاء للكبر وهذا ليس فيه نقل للولاء عن أصله إنما هو تنزيل وترتيب له فيما بين ورثة المعتق وتقديم الأقرب منه على الأبعد. .ومن باب التفاخر: قال الشيخ: العبية الكبر والنخوة وأصله من العب وهو الثقل يقال عُبِية وعِبية بضم العين وكسرها. وقوله: «مؤمن تقي وفاجر شقي» معناه أن الناس رجلان مؤمن تقي وهو الخير الفاضل وإن لم يكن حسيبًا في قومه وفاجر شقي فهو الدني وإن كان في أهله شريفًا رفيعًا. .ومن باب في العصبية: قال الشيخ: معناه أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزع بذنبه ولا يقدر على خلاصه. .ومن باب الرجل يحب الرجل يخبره: قال الشيخ: معناه الحث على التودد والتألف وذلك أنه إذا أخبره بأنه يحبه استمال بذلك قلبه واجتلب به وده. وفيه أنه إذا علم أنه محب له وواد قبل نصحه ولم يرد عليه قوله في عيب إن أخبره به عن نفسه أو سقطة إن كانت منه فإذا لم يعلم ذلك منه لم يؤمن أن يسوء ظنه فيه فلا يقبل قوله ويحمل ذلك منه على العداوة والشنآن والله أعلم. .ومن باب المشورة: قال الشيخ: فيه دليل على أن الإشارة غير واجبه على المستشار إذا استشير. وفيه دليل على أن عليه الاجتهاد في الصلاح وأنه لا غرامة عليه إذا وقعت الإشارة خطأ. .ومن باب الدال على الخير: قال الشيخ: قوله: «أبدع بي» معناه انقطع بي ويقال أبدعت الركاب إذا كلت وانقطعت. .ومن باب في بر الوالدين: قال الشيخ: قوله: «فيعتقه» ليس معناه استئناف العتق فيه بعد الملك لأن العلماء قد أجمعوا على أن الأب يعتق على الابن إذا ملكه في الحال، وإنما وجهه أنه إذا اشتراه فدخل في ملكه عتق عليه فلما كان الشراء سببًا لعتقه أضيف العتق إلى عقد الشراء إذا كان تولد منه ووقوعه به، وإنما صار هذا جزاء له وأداء لحقه لأن العتق أفضل ما ينعم به أحد على أحد لأنه يخلصه بذلك من الرق ويجبر منه النقص الذي فيه ويكمل فيه أحكام الأحرار في الأملاك والأنكحة وجواز الشهادة ونحوها من الأمور. قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سفيان عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يسأل رجل مولاه من فضل هو عنده فيمنعه إياه إلاّ دعي له يوم القيامة فضله الذي منع شجاعًا أقرع». قال الشيخ: الشجاع الحية والأقرع الذي انحسر الشعر عن رأسه من كثرة سمه. .ومن باب فضل من عال يتامى: قال الشيخ: قوله لم يئدها معناه لم يدفنها حية وكانوا يدفنون البنات أحياء يقال منه وأد يئد وأدًا ومنه قول الله سبحانه: {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت}. قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا النهاس حدثني شداد أبو عمار عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة يريد السبابة والوسطى». قال الشيخ: السفعاء هي التي تغير لونها إلى الكمودة والسواد من طول الإيمة وكأنه مأخوذ من سفع النار وهو أن يصيب لفحها شيئًا فيسود مكانه يريد بذلك أن هذه المرأة قد حبست نفسها على أولادها ولم تتزوج فتحتاج إلى أن تتزين وتصنع نفسها لزوجها. .ومن باب حق المملوك: قال الشيخ: قوله: «لفعتك» معناه شملتك من نواحيك، ومنه قولهم تلفع الرجل بالثوب إذا اشتمل به. .ومن باب من خبب مملوكًا: قال الشيخ: قوله: «خبب» يريد أفسد وخدع وأصله من الخب وهو الخداع ورجل خب ويقال فلان خب صب إذا كان فاسدًا مفسدًا. .ومن باب في الاستئذان: قال الشيخ: المشقص نصل عريض، وقوله: «يختله» معناه يراوده ويطلبه من حيث لا يشعر. قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سهيل عن أبيه حدثنا أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقئوا عينه فقد هدرت عينه». قال الشيخ: في هذا بيان إبطال القود وإسقاط الدية عنه، وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أهدرها وعن أبي هريرة مثل ذلك وإليه ذهب الشافعي وقال أبو حنيفة إذا فعل ذلك ضمن الجناية وذلك لأنه قد يمكنه أن يدفعه عن النظر والاطلاع عليه بالاحتجاب عنه وسد الخصاص والتقدم إليه بالكلام ونحوه فإذا لم يفعل ذلك وعمد إلى فقء عينه كان ضامنًا لها وليس النظر بأكثر من الدخول عليه بنفسه وتأول الحديث على معنى التغليظ والوعيد. وقد قال بعض من ذهب إلى الحديث إنما يكون له فقء عينه إذا كان قد زجره وتقدم إليه فلم ينصرف عنه، كاللص إنما يباح له قتاله ودفعه عن نفسه وإن أبى ذلك عليه إذا لم ينصرف عنه بدون ذلك. قال أبو داود: حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم حدثنا ابن جريج أخبرني عمرو بن أبي سفيان أن عمرو بن عبيد الله بن صفوان أخبره عن كلدة بن حنبل «أن صفوان بن أمية بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن وجداية وضغابيس» وذكر حديثًا. قال الشيخ: الجداية الصغير من الظباء يقال الذكر والأنثى جداية أنشدني أبو عمرو قال أنشدنا أبو العباس: والضغابيس صغار القثاء واحدها ضغبوس، ومنه قيل للرجل الضعيف ضغبوس تشبيهًا له به. .ومن باب الرجل يستأذن بالدق: قال الشيخ: قوله: «أنا» ليس بجواب لقوله: «من هذا» لأن الجواب هو ما كان بيانًا للمسألة. وإنما تكون المكاني جوابًا وبيانًا عند المشاهدة لا مع المغايبة، وإنما كان قوله: «من هذا» هو ما كان استكشافًا للإبهام، فأجابه بقوله: «أنا» فلم يزل الإبهام وكان وجه البيان أن يقول أنا جابر ليقع به التعريف ويزول معه الإشكال والإبهام، وقد يكون ذلك من أجل تركه الاستئذان بالسلام والله أعلم. قال أبو داود: حدثنا عباس العنبري حدثنا أسود بن عامر حدثنا حسن بن صالح عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهما «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مشربة له فقال السلام عليك يا رسول الله أيدخل عمر». قال الشيخ: قد جمع الاستئذان بالسلام والإبانة عن الاسم والتعريف وهو كمال الاستئذان، والمشربة كالخزانة تكون للإنسان مرتفعة عن وجه الأرض. .ومن باب السلام على أهل الذمة: قال الشيخ: هكذا يرويه عامة المحدثين وعليكم بالواو، وكان سفيان بن عيينة يرويه عليكم بحذف الواو وهو الصواب، وذلك أنه إذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردودًا عليهم وبإدخال الواو يقع الاشتراك معهم والدخول فيما قالوه لأن الواو حرف العطف والجمع بين الشيئين، والسام فسروه الموت.
|